إذا راجعت أيًا من كتب علم النفس المختصة بعلم الشخصية فسيخبرك أن اختبار ماير-بيرجز للشخصية هو اختبار غير علمي ولا يمكن الاعتماد عليه لذا يتم تجاهله في حقل علم النفس. بالرغم من ذلك للاختبار شعبية منقطعة النظير وتشاهد أن الجميع يتحدث عنه وحتى 88 بالمئة من شركات فورشون 500 تطلب من موظفيها أخذ الاختبار. عندما تعرف عن اختبار مايرز-بريجز، تبدأ في ملاحظة هذه المجموعات الغريبة المكونة من أربعة أحرف في كل مكان. فهي شائعة، على سبيل المثال، في الملفات الشخصية للمواعدة، وهناك فكرة رائجة عن أنك إذا كنت تشارك نفس النوع مثل شخص آخر ، فمن المرجح أن ترتبطا أو تتفقا كتوأم (وإذا كنت مختلفًا تمامًا فستقتلون بعضكم). إذاً ما الذي يجعل اختبار ماير-بيرجز شعبيًا لهذه الدرجة؟
أحد أكثر الأسباب التي أدت لرواج الاختبار هو ارتباطه بعالم النفس الشهير كارل يونغ. لكن القصة الأعمق والأدق بدأت، مع كاثرين كوك بريغز المعجبة بأفكار كارل يونغ، المحلل النفسي السويسري. عندما ولدت ابنتها إيزابيل في عام 1897، حولت غرفة معيشتها إلى “مختبر لتدريب الأطفال” ، حيث أجرت تجارب وتحريات شكلت في نهاية المطاف أساس دفتر ملاحظات يدعى “يوميات أم الطاعة”. كانت كاثرين مسؤولة عن شكل سؤال (أ أو ب) في الاختبار ولكن اهتمامها الرئيسي من وراء الاختبار كان معرفة ما هي أفضل الظروف التي تسمح للأطفال بالتطور إلى “بالغين متحضرين”. بعد عقود من ذلك، أدركت إيزابيل أن الاستبيان المعدل يمكن أن يصبح “جهاز فرز الأفراد” ، وهو جهاز يمكن نقله بسهولة من تربية الأطفال إلى تنظيم قوة العمل في المصانع والشركات.

نبعت شعبية اختبار MBTI حيث لم يكن بحاجة لمختص للقيام به وتقييم النتيجة يمكن بسهولة أتمته وإجراءه على الانترنت فصار الأداة المحببة للشركات لاختيار الموظفين ليس فقط من أجل عملهم، ولكن لقدرتهم على الاندماج مع الشركة وتبني ثقافتها بسلاسة.
لقد ساعد الاختبار بطريقة ما على خلق روح جديدة للرأسمالية: واحدة يتم فيها مطابقة العامل مع الوظيفة التي كانت مناسبة له من الناحية التي خلق من أجلها: الوظيفة التي من شأنها أن تسمح له بالقيام بأفضل أعماله وأكثرها إبداعًا، وتقدم له أكبر شعور بالرضا الشخصي، ويحبه رؤسائه وزملائه، وبالتالي يدفعه إلى إحساس أعمق بالذات ورضى أكبر عن الوظيفة التي يشغلها.
من الناحية العلمية والبحثية، إن استنباط جميع معلوماتك من مصدر واحد أمر مشكوك فيه دائمًا في العلم، حتى لو كان عمل يونغ، الذي كانت نظرياته مؤثرة جدًا وثاقبة النظر ولكنها غير قابلة للاختبار من الناحية العلمية وتخضع للعديد من الانتقادات. المشكلة الحقيقية هي أنه كلما نظرت أكثر في تفاصيل MBTI، كلما زادت درجة التشكيك في الطريقة التي يستخدم بها. هناك العديد من الانتقادات الشاملة حول هذا الموضوع عبر الإنترنت، لكن العيب الأكثر وضوحًا هو أن MBTI يعتمد حصريًا على الخيارات الثنائية، وهل يمكن حصر الشخصية البشرية بخيارين كل مرة؟!
على سبيل المثال، في فئة المنفتح ضد الانطوائي، أنت إما واحد أو الآخر؛ ليس هناك حل وسط. الناس لا يعملون بهذه الطريقة، لا يوجد شخص عادي إما 100٪ منفتح أو 100٪ انطوائي، تماماً كما أن آراء الناس السياسية ليست بحتة “شيوعية” أو “فاشية”. كثير من الذين يستخدمون MBTI يزعمون خلاف ذلك، على الرغم من حقيقة أن يونغ نفسه اختلف مع هذا، بجانب ذلك يظهر التحليل الإحصائي أن البيانات التي تم إنتاجها من خلال الاختبار تظهر توزيعًا طبيعيًا بدلاً من نسق ثنائي مع أو ضد.
علاوة على ذلك ، أحد المبادئ الأساسية للأداة هو أنه لا يمكنك تغيير نوعك: فهو فطري ، ثابت منذ الولادة. ومع ذلك ، تعترف الشركة التي تنشر اختبار MBTI أن نصف الأشخاص الذين أجروا الاختبار يغيرون واحدًا على الأقل من نواحي الشخصية الأربعة عندما يجيبون على الأسئلة للمرة الثانية.
بشكل عام وبالرغم من أنه ليس علميًا، فإن MBTI يقدم رؤية مبسطة لشخصية الإنسان، وهو مفهوم معقد وصعب للغاية للدراسة. وهناك العديد من اختبارات الشخصية التي يبدو أنها تصمد أمام التدقيق العلمي (مثل اختبار مينيسوتا المتعدد MMPI). يبدو أن MBTI ليس واحدًا منها ولكنه حتمًا الأكثر شعبية.
اختبار MBTI لا يضر أحدًا بالتأكيد وقد يكون مفيدًا إذا كنت على دراية بقصوره ومحدوديته. ولكن هذه هي تحديدًا المشكلة؛ يستخدم MBTI في الغالب في العمل من قبل إدارات الموارد البشرية، وفرق التطوير / التدريب وما شابه، وحتى في اختيار شريك ربما دون وجود إدراك واضح لقصر الاختبار وأنه في الحقيقة لا يختلف كثيرًا عن اختبار مثل أي شخصية من لعبة العروش أنت!
العديد من مستخدمي اختبار مايرز-بريجز يرغبون في تبسيط شخصيتهم لعلهم يفهمون أنفسهم أكثر أو أي وظيفة تناسبهم أو أي شخصية مشهورة تشبههم لعلهم يعرفون أكثر عن مستقبلهم ولكن الأدلة تظهر أن الشخصية البشرية أكثر تطورًا وتعقيدًا من أن تختزل في أسئلة من إجابتين.

تعليق واحد على “اختبار الشخصية الأكثر شعبية والأقل دقة”
[…] دليل تركيب طاولة، أو توجه لاجراء اختبار مايرز-بيرجز الغير موثوق لتحدد ماذا يناسب شخصيتك، أو يطلب منك وضع قائمة […]