ليكن هذا آخر ليل، ليكن هذا آخر يوم، ولتكن هذه آخر ساعة.
لم أعتقد يوماً أن اقتراب النهاية سيبدو بهذا الهدوء. السكون الظاهري للعالم، والترقب اللامتناهي، الأسئلة التي يطرحها الجميع، والخوف القائد إلى عتبة جديدة أخرى.
لطالما رسمت نهايات خرافية لهذا الكوكب، كم حكت في داخلي الحكايا، عن كيف سيبدو وجه الأرض لاحقا!
الشيء الوحيد المتوقع والذي حدث حقا، أن هذا الانسان قد يفقد كل سمات أنسيّته في لحظة حرص على روحه، ويتحول لمجرد فكرة تلتهما غريزة البقاء.
الحيّ يبقى، ولكن كيف يبقى؟! سجينا؟ غريبا؟ جائعا؟ محبّا؟ أم متصنّعا لحياة يعود ليتنفس يومه العادي ويغرق في الماديات!
أغرب ما صنعه الفايروس، هو التحدي السحيق لحركة الأرض، المفارقة بين الطبيعة واللاطبيعة، وانهزام أقوى أنظمة البشر أمام النظام الوحيد الأقدم والعشوائي.
الراحة التي يصنعها في مشاهدة السُبات، انغلاق الأبواب أمام الحديث والمتقدم، العودة إلى المنسي، إلى الأم الأولى والأخيرة… لن يعرف معنى ذلك كثيرون ولن يجد الانغماس في هذا الأمان إلا من عرفوا الطبيعة بحق و توحدوا معها، أحبّوا وبغضوا، ثاروا و غضبوا، أولئك الذين تتجلى بين يديهم مفاتيح الأكوان، أولئك امتداد الطبيعة.
………………………………………….